سناريو رحلة تبين نبذة عن دور (المراقب الجوي) ومهامه.


كم مرة نظرت من نافذة الطائرة وتساءلت عن كل تلك الأضواء المتلألئة أسفل؟ وعن تلك الأصوات التي تسمعها من خلال سماعة الرأس؟ وراء كل رحلة جوية آمنة، هناك عالم خفي يتحكم في حركة الطائرات في السماء. عالم المراقبة الجوية، حيث يعمل فريق من الخبراء على مدار الساعة لتوجيه الطائرات بأمان من وإلى المطارات. انطلق معنا في رحلة داخل برج المراقبة، وسنكشف لك أسرار هذه العملية المعقدة."

نحن على متن طائرة سعودية من نوع بوينغ 777 على أرض مطار الملك خالد الدولي بالرياض والمتجهة إلى مطار تبوك .


قبل وقت المغادرة بساعة تقريباً يرسل مكتب العمليات الجوية خطة الطيران إلى البرج وهي عبارة عن نموذج يبين معلومات هامة عن الرحلة مثل رقم الرحلة ونوعها والارتفاع المطلوب ووقت المغادرة ومطار الوصول الخ.


يتصل قائد الرحلة بالمراقب الأرضي في برج المراقبة بالمطار طالبا الإذن بتشغيل المحركات للمغادرة فيأخذ الإذن ويعطى حالة الجو والمدرج المستخدم , ثم يطلب التحرك للمدرج فيعطيه المراقب الأرضي الممر والترتيب المناسبين .


قبل وصول الطائرة للمدرج يكون المراقب الأرضي قد نسق مع زميله بقسم الرادار للحصول على تصريح الممر الجوي الذي يبين للطيار الارتفاع الذي سيصعد إليه والممر الذي سيسلكه ورمز شفرة الرادار.


بعد إعطاء هذه المعلومات للطيار يتم تحويله لمراقب البرج لأخذ الإذن بالإقلاع.
هناك طائرة تقترب من المدرج للهبوط فلذلك يوجه مراقب البرج طائرتنا للانتظار خارج المدرج, حتى إذا هبطت تلك الرحلة وأخلت المدرج فعند ذلك يصرح لنا بالإقلاع.


بعد الإقلاع تأخذ الطائرة بالارتفاع للمستوى المصرح به والانعطاف للممر الجوي الخاص بنا , فيتم التحويل إلى مراقب الرادار بمطار الرياض.


هذا المراقب يستمر بتقديم الخدمات اللازمة للرحلة وأهمها توفير الفصل القانوني عن الطائرات الأخرى وهو رأسياً ألف قدم أو أفقياً خمسة أميال.

بعد حوالي عشرة دقائق يلاحظ المراقب أن هناك تعارض بين طائرتنا الصاعدة وطائرة أخرى تنخفض قادمة بالاتجاه العكسي فيباشر بتوجيه طائرتنا إلى الانحراف يميناً بمقدار 30 درجة لتفادي الرحلة القادمة وتوفير الحد الأدنى من الفصل وهو خمسة أميال.


بعد التجاوز يوجهنا المراقب للعودة مجدداً للممر الجوي. نحن الآن نقترب من 125 ميل شمال غرب الرياض وهي حدود منطقة رادار الرياض.


قبل الوصول لهذه النقطة يتم الاتصال بمركز جدة لتنسيق قدوم هذه الرحلة لهم.
يطلب من قائد الرحلة الاتصال بمركز جدة الذي بدوره يستمر بتوفير الخدمات اللازمة في الممر الجوي.


عند اقترابنا من منارة حائل الملاحية لاحظ مراقب مركز جدة وجود تعارض بيننا وبين رحلة قادمة من الكويت ومتجهة إلى مصر تحلق على نفس الارتفاع وتتزامن معنا على منارة حائل , فيوجه طائرتنا للانخفاض ألفي قدم لتوفير المسافة الرأسية اللازمة. نقترب الآن من 100 ميل شرق تبوك فيتم التنسيق مع رادار تبوك على قرب وصول الرحلة لنقطة التحويل.


يتصل قائد الرحلة برادار تبوك ويطلب الإذن بالانخفاض فيتأكد المراقب الجوي أن الرحلة في مسار آمن ثم يعطى الإذن بالانخفاض ويوفر لها حالة الطقس بالمطار وينذره بوجود سحب ركامية على بعد 50 ميل شرق تبوك متجهة شمالاً فبناءاً على ذلك يطلب قائد رحلتنا الإذن بالانحراف 20 درجة جنوباً لتفادي السحب.


ابتعدنا الآن عن السحب وأصبحت خلفنا فعند ذلك يوجه المراقب الرحلة إلى المدرج ويضعها بالترتيب المناسب ضمن الرحلات القادمة حتى إذا وصلت الطائرة إلى المرحلة الأخيرة من الاقتراب وهي حوالي 10 أميال من المدرج يتم الاتصال بالبرج وإبلاغه بالرحلة ثم تحول له.


يستقبل برج المراقبة اتصال الطائرة فيبلغه بالاستمرار في الاقتراب لوجود طائرة بالمدرج في طور الإقلاع , وما أن تقلع تلك الرحلة حتى يصرح لنا بالهبوط.


الطائرة الآن تهبط بأمان وتتناقص سرعتها فيوجهها البرج للانعطاف لإخلاء المدرج والاتصال بالمراقب الأرضي الذي بدوره يوجه الرحلة إلى استخدام الممر المناسب حتى الوصول للبوابة المخصصة للرحلة .


وبهذا يكون الطيار على اتصال دائم بالمراقب الجوي الذي يقدم له التعليمات والتوجيهات اللازمة للسلامة .
هذا هو الجندي المجهول الذي يعمل على سلامة الطيارين والركاب ليلاً و نهاراً.


بقلم المهندس سعود الدهام من المجموعه
Twitter:@saudaldaham


1 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم