لا تستغرب عزيزي القارئ حينما تعرف أن قائد الطائرة أو الكابتن ومساعده ليس هما كل شيء في الرحلة الجوية، وليس هذا انتقاصا من أهمية ودور الطيارين من قادة طائرات ومساعديهم، وانما هناك اجزاء رئيسية اخرى لإتمام وتنفيذ الرحلة الجوية على اكمل وجه وبصورة سليمة وآمنة، فهناك مهندسون وفنيون وعمال وحتى اداريون وبالطبع مضيفون ومضيفات وكثير من الافراد يعملون في سيمفونية تناغمية لأداء الرحلة الجوية او اي رحلة جوية ما.
جاهزية الطائرة للرحلة
قبل اعداد رحلة الطيران للرحلة الجوية، تكون الطائرات عادة جاثمة على الارض، وبالتالي تخضع لفحوصات فنية وهندسية بدائرة الهندسة، تتوزع عمليات الصيانة تلك ما بين الصيانات الدورية البسيطة لكل طائرة قبل وبعد عملية الطيران من اي رحلة اعتيادية دورية، وهناك الفحص المتوسط وصولا الى الفحص الشامل لجميع اجزاء وانظمة الطائرة، وتتفاوت مدة الصيانة الشاملة من طائرة الى اخرى حسب عمر الطائرة العملي منذ خروجها من المصنع الى المدى العملاني لها في الشركة المستخدمة لها.
توزيع الأحمال والأوزان
تعد عملية توزيع الاوزان والاحمال للطائرة قبيل اقلاعها من العمليات الحساسة والدقيقة جدا في مراحل تجهيز الطائرة لاداء الرحلة الجوية، حيث يضطلع بذلك الامر فنيون متخصصون تابعون لدائرة الهندسة للناقلة الجوية، يقومون خلالها باعداد اوراق توزيع وزن الطائرة وحمولتها حول محور ارتكازها او مركز ثقلها Center of Gravity او CG اختصارا. وتسمى تلك الاوراق بمخطط الحمولة او Load Sheet ويتم تصديقها والموافقة عليها هي الاخرى من قبل الطيار (الكابتن) قبل الاقلاع بدقائق.
إدارة الأسطول الجوي
لكل ناقلة جوية Air Carrier او شركة طيران دائرة عمليات Operations Dept تعمل على ادارة وتوجيه وتشغيل اسطول تلك الناقلة (الشركة)، وفقا للقواعد والمعايير الخاصة بصناعة النقل الجوي عالميا وتلك الخاصة بها. وغالبا ما يكون معظم افرادها من الطيارين، لذا تقوم تلك الدائرة بعمل ومتابعة تأمين استصدار تراخيص صلاحية اعضاء طاقم القيادة للطائرات الخاصة بالناقلة الجوية لمزاولة مهنة الطيران.
وتقوم بالاشتراك في اعداد جداول التشغيل السنوية وبرامج الرحلات والطائرات المستأجرة، وتشترك ايضا في دراسة ولجان اختيار انواع الطائرات بهدف تطوير الاسطول، وتعمل على تخطيط الطرق الجوية الجديدة وتأمين موافقة سلطات الطيران والمطارات التي تشملها هذه الخطوط، كذلك تشرف على تأمين واتمام تدريبات الطيران على الجهاز التشبيهي لطاقم القيادة.
إعداد الرحلات الجوية
لكل رحلة جوية خطة طيران معينة، يتم بها تقدير وحساب جميع الافتراضات والمتطلبات الملاحية والفنية وغيرها من الأمور المتعلقة بالرحلة المراد تنـفــيـذها من مطــــار إلى آخـــر في المعـمـورة.
ومن البديهي أن عامة الناس يعتقدون أن الشخص الذي يقوم باعداد خطة الطيران تلك هو الطيار نفسه، كونه هو الذي يقوم بتنفيذ الرحلة، لكن في الحقيقة هناك شخص منوط به هذه العملية الدقيقة والحساسة، وهو عنصر يقضي معظم حياته العملية في محطة أرضية هي مركز عمليات الناقلة الجوية التي ينتمي اليها، عدا ذلك فانه يمضي في تحضير الرحلات الجوية خلف أروقة الشركة العامل فيها. إنه ما يطلق عليه في اللغة الانكليزية «بالديسباتشر» أو Dispatcher أي ضابط ترحيل أو المرحل.
تقدير كمية الوقود
أهم ما يتوجب القيام به من قبل «ضابط الترحيل» هو انجاز خطة الطيران أو Flight Plan او خطة الرحلة الجوية بمعنى أدق، هو اجراء يجب تنفيذه قبل أي رحلة تجـاريـة لطائـرات الركاب النفــاثـة.
وغالبا ما يتم عمل تلك الخطة، عن طريق الكمبيوتر، ولذلك تسمى خطة الرحلة بالكمبيوتر Computer Flight Plan وتكون رحلاتها الجوية تخضع لاجراءات الطيران الآلي او IFR Instrument Flight Rule، وهو معمول به في جميع الناقلات الجويــة العالميــة يوميــا وعلى مـدار السنـــة.
تتضمن خطة الرحلة الجوية بالكمبيوتر (من وإلى) حساب كمية الوقود اللازمة لأداء الرحلة، مع تفصيل بيانات توزيع الوقود، كالوقود اللازم حرقه للرحلة منذ انطلاق الطائرة من مطار المغادرة، الى مطار الهبوط. كما يجب اضافة نسبة معينة من الوقود الى الوقود المخصص للرحلة، وعادة ما تكون هذه النسبة بزيادة حوالي %5 للحالات الطارئة والأخطاء الملاحية والفرق بين رياح المسار العادية والرياح المتنبأ بها.
متابعة الرحلات من الانطلاق وحتى الوصول
لا ينتهي دور «ضابط الترحيل» عند هذا الحد، بل يقوم باجراء آخر متبع قبل اقلاع أي رحلة، وهو ملء استمارة برنامج الرحلة يذكر فيها بعض النقاط التي يتضمنها «خط الرحلة بالكمبيوتر» السابق، كالتأكد من أن المطار المقصود صالح للهبوط ويتسع لنوع الطائرة المراد استخدامها لأداء الرحلة، وأن كمية الوقود كافية، وحتى المطار البديل، بحيث يسمح بالتحليق لمدة لا تقل عن 45 دقيقة وقود طيران للتحليق، تحسبا لسوء الرؤية أو كثافة الحركة الجوية هناك.
ويتم تسليم ما سبق الى قسم المراقبة الجوية بسلطة الطيران المدني المحلية، والذي يقوم عاملوه بالتدقيق بجميع التفاصيل المذكورة، ومن ثم التصديق عليها وبعثها قبل ساعة من قيام الرحلة الدولية أو نصف ساعة للرحلات الداخلية، حتى يتسنى ارسال تلك المعلومات الى الدول التي ستعبر أجواءها الطائرة (من وإلى)، لتكون الطائرة معلومة لديهم ويتم ادراجها في قائمة الحركة الجوية بما يعرف بخطة الرحلة الجوية الملاحية أو ATC flight plan.
مركز متابعة الرحلات الجوية
هناك عناصر متفرعة من ضباط الترحيل يعملون في مركز لمتابعة الرحلات من اقلاعها من مطار المغادرة الى مطار الوصول، ومن ثم العودة من مطار الوصول مرة اخرى، يطلق على هذا المركز اسم «مركز التحكم أو متابعة الرحلات الجوية» التي تتعلق باسطول الناقلة الجوية - Operations Control Centre / OCC. ويقوم «ضابط الترحيل» بالتواصل مع الطيارين بواسطة أجهزة اللاسلكي VHF وHF. الأول للاتصال بهم من مسافات قريبة والآخر للمسافات البعيدة (فيما وراء الأفق)، وفي بعض الناقلات استعيض عنها بأجهزة الاتصال بواسطة الأقمار الصناعية او SATCOM، ويتم خلال ذلك الاتصال لمعرفة عدة معلومات ملاحية وتفصيلية أولية عن حالة الرحلة، من موعد وصول متوقع وغيرها من معلومات سير الرحلة، وأحيانا معلومات عن الطقس المحلي وحالة المدرج في المطار المحلي للمركز. يتم العمل بمركز الترحيل Dispatch وOCC على مدار الساعة (24 ساعة يوميا على مدار السنة) في مناوبات دورية، حتى تتم متابعة وتجهيز جميع الرحلات الخاصة بالناقلة الجوية التي يعملون فيها.
الكاتب:Nasser Alqahtani
إرسال تعليق